Friday, April 30, 2010

ويحييها الحلم


غربة مقرورة الجنبات و حزن ينبت فى باحة أيامى ورحيق من قهر يزكم أنفى , يقتلنى , فاحس بروحى تسبح فى بعد مجهول , هل تعرف معنى الغربة؟ 

الغربة هى ان يتوقف كل شىء من حولك عن الحركة وان تجد نفسك عالقا فى منتصف اللاشىء مع احساس مريع بالحيرة والقهر فى ان واحد , هى ان تتحول الى كائن منفى بكل أدوات النفى الممكنة وان يتم اخبارك بصفة دائمة كم انت غير مرغوب في وجودك

الغربة هى قاعدة الاستثناء والاحلام المؤجلة وفيها يصبح الحلال محرما والحب غير ممكن وتتحول حياتك الى صراع يومى تحاول من خلاله الخروج بأقل خسائر ممكنة وتضطر فى النهاية الى الاستسلام لحالة من اليأس المميت

أنهيت عملى اليوم مبكرا وخرجت من المكتب بخطى متثاقلة يتملكنى احساس ردىء باليأس لكن قابلنى الحج فتحى خارجا من المصعد , سلميت عليه وعرفت انه ذاهب الى المكتبة وبالطبع وجدتها فرصة لكسر الملل وصلنا الى المكتبة فى حوالى السادسة وبدأت البحث عن شىء يشدنى وبعد حوالى نصف ساعة وجدت واحدا , هو كتاب حيونات ايامنا للمخزنجى 

فى البيت بدأت التقليب فى الكتاب وشدنى تلك الرمزية الرائعة والتدفق الذى يتميز به المخزنجى ورأيت فى الكتاب تصنيفا حقيقيا  
لحيوانات ايامنا ولكن أكثر ما لمسنى فى هذا الكتاب هو قصته عن تلك الخيول التى تميتها الرتابة ويحييها الحلم  وبخاصة عندما بدأ يمازح الحصان قائلا:

--------------------
أيه يا حصان يا عبيط .. لك حياة واحدة وتريد ان تموت .. الا تعرف ان وراء هذه الجزيرة بحرا ووراء البحر شاطئا وعند الشاطىء مراعى خضراء , تموج بلذيذ العشب و تتخللها جداول عذبة فى مائها سكر, وهناك , هناك افراس بديعات الحسن , نديات العيون فى انتظارك , اه يا حصان يا عبيط
-------------------

ايييييييييييه !!!!!!!!! كم اتمنى ان اعود؟ كم اشتاق الى ملامح وجهى القديم؟!!!!
!
!
!

---
مصر .. التلات أحرف الساكنة اللي شاحنة ضجيج

زوم الهوا وطقش موج البحر لما يهيج

وعجيج حوافر خيول بتجر زغروطة

حزمة نغم صعب داخلة مسامعي مقروطة

في مسامي مضغوطه مع دمي لها تعاريج

ترع وقنوات سقت من جسمي كل نسيج

وجميع خيوط النسيج على نبرة مربوطة

أسمعها مهموسة والا أسمعها مشخوطة

شبكة رادار قلبي جوه ضلوعي مضبوطة

وترن من تاني نفس النبرة في وداني

ومؤشر الفرحة يتحرك في وجداني

وأغاني واحشاني باتذكرها ما لهاش عد

فيه شيء حصل أو بيحصل أو حيحصل جد

أو ربما الأمر حالة وجد واخداني

انا اللي ياما الهوى جابني ووداني

وكلام على لساني جاني لابد أقوله لحد



Wednesday, April 21, 2010

ذكريات

ذكرنى ما حدث الايام الماضية مع شباب 6 ابريل بايام أبريل الحزين حين سقطت عاصمة الرشيد

أذكر تلك الايام واذكر تلك الحوارات مع الصديقين الصاوى وصلاح , كنا نمثل اضلاع مثلث كامل , الصاوى ليبرالى متطرف وصلاح مثقف وسطى قد يميل الى اليسار احيانا وانا اميل الى اليمين , اتذكر ذاك اليوم وكان الصاوى يتحدث عن الاسلام وعدم مواكبته للعصر فضلا عن مطاطية نظمه واحكامه وافتقارها الى عامل قياسى ثابت فأرد أنا بان تلك هى روعة الاسلام كنظام حياة يصلح لكل عصر فالحكم دوما يكون باعتبار حال المتلقى ويا له من نظام رائع يراعى أحوال الناس على اختلافها فى كل زمان ومكان فيرد بانه يريد نظام قياسى حاد يتم تطبيقه بنجاح للقضاء على الفقر والجهل ولا مانع عنده فى سبيل تحقيق هذا الهدف من الضغط بل وسحل الطبقات الفقيرة فى المجتمع اذا لزم الامر بل انه يتمنى لو تحولنا الى ولاية امريكية حتى نحصل على حياة أفضل 

 فأرد عليه بان هذه الداروينية الغاشمة تحمل بذاخلها عوامل فنائها كما انه ثبت فشلها حتى قبل دارون نفسه واوضح مثال هو الامبراطوريةالرومانية
فيضحك بغرور من جهلى العربى واتعجب من منطقه البرجماتى واغمزه بانه يذكرنى باعضاء الحزب الجمهورى الامريكى ومدى استعدادهم للتضحية بالطرف الاضعف لمصلحة الطرف الاقوى فيرد صلاح بالموافقة وينظر الى الصاوى ... أيه؟
مش انت دايما بتقول انه العدل هو ما يحقق مصلحة للجانب الاقوى ونضحك بود على الرغم من اختلافنا

يومها كنت باحس بزهو دون كيشوتي كونى أملك منطق الحق والعدل واحس بود شديد تجاه الاخرين واحسب اننا قادرون على فعل اى شى لمجرد كوننا على صواب 

وجاءت الحرب , كنت وقتها بالجامعة طبعا لم يكن لدى جهاز تليفزيون او راديو وكان مصدر معلوماتى عن الحرب هو ما اسمعه فى المقهى او من كلام الناس كنت اذوب فرحا لمجرد سماعى احد الاخبار عن نصر هنا او هناك(يا لها من ايام هه)
,فى هذه الايام كان الشعور بالخوف ملازما لى على الدوام ولا اعرف السبب فقط خوف شديد يصل لحد الرعب لاتفه الاسباب , أميل الى الحديث بصوت عال لعلى اسكت هذا الخوف او اشغل نفسى عنه لبرهه , أضحك بشدة لاشياء قد لا تبدو مضحكة , أخبىء رأسى بين الكلمات , الكثير من الكلمات , امعن النظر فى عيون الاخرين , باحثا عن شىء فى أعينهم يبعث على الطمأنينة , يا الله,  ما أصعب ان تكون جنوبيا بأرض شمالية

أذكر صبيحة هذا اليوم  وكان يوما مشمسا حارا وصلت الى بوابة الجامعة متأخرا كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة دخلت من بوابة الجامعة سالكا الطريق الموازى لكلية الطب ثم يمينا عند مبنى ادارى الجامعة الضخم ثم يسارا الى الطريق المؤدى الى قسم النظم , من بعيد ظهر مبنى النظم ذو اللون الحجرى الاصفر الباهت , سارعت الخطى قليلا وما ان وصلت حتى وجدت الصاوى وصلاح جالسين امام المبنى وما ان رأنى الصاوى حتى هب واقفا واخرج علبة الثقاب وبدأ باشعال عود من الثقاب ورفع يده الى أعلى ممسكا بعود الثقاب المشتعل حتى انطفىء واستمر فى اشعال أعواد الثقاب واحدا تلو الاخر واضعا سيجاره غيرمشتعلة فى فمه وضاحكا بجانب فمه مبقيا على السيجاره بين شفتيه , سلم على صلاح بحرارة كمن يعزينى فسألت هوا فى ايه فرد "فعلها التتار يا عزيزى" . . . طبعا احسست كمن تلقى لطمة على وجهه فرددت متسائلا والله؟! فرد مجيبا والله , لم اتكلم ولم أسلم على الصاوى الذى ظل واقفا يشعل اعواد الثقاب ويرفعها حتى تنطفىء ثم يكرر العملية


وعرفت انهما لم يدخلا المحاضرة وفضلا انتظارى خارج المبنى , كانت المحاضرة الاولى قدانتهت توجهنا الى الكافيتيرياوهناك ضحكت كثيرا وأضحكت ولكن هو ضحك المهزوم هو ضحك أخبىء به هزيمتى ويبدو ان الصاوى تنبه الى ذلك فبدأ بمجاراتى محاولا التخفيف من الموقف , فى تلك الاثناء كنت احس بروحى انقسمت الى جزئين جزء يضحك وجزء خرب ومهدم , صحراء شاسعة وفضائات من قهر بعضها فوق بعض , حين تخيب أحلام الرجال  لابد وان تسقط ألف مدينة لابد وأن تملأ أودية الدنيا أهات موغلة فى القهر 

قررت الا احضر محاضرات اليوم وخرجت فى حوالى الواحدة متوجها الى البيت وما ان اقتربت من مبنى ادارة الجامعة حتى رأيت حشود الطلبة تتجمع أسرعت للانضمام اليهم هناك رأيت الهزيمة على الوجوه ورأيت الطلبة يصطفون فى صفوف من أمام مبنى ادارة الجامعة مرورا بكلية الطب ووصولا الى البوابة التى تم اغلاقها , رأيت هناك عيونا تبكى وحناجر تصرخ ورأيتنى لاول مرة فى موكب القهر مهزوم مهزوم, خرجت فى حوالى الثالثة , ساعتها كان الجو حار جدا وضوء الشمس خافت والهواء ثقيل الى حد الاختناق أو هكذا أحسست ,انحدرت مع الشارع الجانبى المؤدى الى طريق الاوتوستراد ثم صعدت كوبرى المشاة, بالكاد استطعت ان أستقل احدى الحافلات وجلست على المقعد الخلفى ناظرا الى الشارع عبر النافذة محاولا اشغال نفسى عن احساس فظيع بالأسف عن جرم لم ارتكبه , اذكر أنى فى الايام التالية لم استطع النظر  فى المراه لأيام طويلة لشعورى بالخجل او الذنب او كلاهما معا